حكم النذر
النذر في الاصطلاح الشرعي هو إلزام مكلف مختار نفسه شيئًا لله تعالى، مثل أن يكلف الشخص نفسه بفعل أمر ما في حالة وقوع أمر ينتظره، مثل أن ينذر الشخص ذبح شاه وتوزيعها على الفقراء في حالة شفائه أو نجاحه.
يقول
الله تعالى: { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ
فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } [البقرة: 270].
كيفية توزيع النذر
لا توجد كيفيةٌ مُعينةٌ للنذر يُتوزّع بناءً عليها، حيث يعود ذلك إلى نية الناذر واللفظ الذي ذكر به كيفيّة إخراجه لنذره، فإن كان لفظ النذر مُطلقاً كأن يقول، لله علي أن أذبح شاةً فإنّه يجوز له أن يُوزّع ذلك النذر كيفما شاء على الفقراء والمساكين وأهل بيته والأغنياء، ويُوزّعها حسب ذلك أثلاثاً أو أرباعاً أو إلى نصفين، فكلّ ذلك جائز، أمّا إن نذر أن يذبح شاةً ويُوزّعها على الفقراء والمساكين فقط إذاً فليُوزّعها على الفقراء والمساكين فقط، فإن نوى إخراج طرفٍ مُعيّن لم يجز له أن يُطعمه أو يُعطيه من الشاة وفاءً لنذره.
هل يجوز للناذر أن يأكل من نذره؟
اختلف الفقهاء في هذه المسألة على النحو الآتي:
ذهب عُلماء الحنفيّة إلى أنّه ليس للناذر أن يأكل من نذره، فإن أكل شيئاً منه أخرج ما يساوي قيمته للمساكين؛ وحُجّتهم في ذلك أنّ الذبيحة إذا كانت مُنذرةً للمساكين مثلاً فهي مَحصورةٌ عليهم، فليس للناذر أن يُخرج منها شيئاً ويصرفه لنفسه أو لغيره.
فيما ذهب الشافعية إلى أنّه يحرم على الناذر ومن تلزمه نفقته أن يأكلوا من نذره مطلقاً، وحُجّتهم في ذلك أنّ نذر الذبح فيه إلزامٌ للنّفس بالتنازل عن الذبيحة المنذورة لله سبحانه وتعالى، لذلك اقتضى أن لا يأكل الناذر أو من تلزمه نفقته منها شيئاً.
على الجانب الآخر، أجازَ فقهاء المالكية وبعض فقهاء الشافعية للناذر أن يأكل من الذبيحة المنذورة إن كان نذره مُطلقاً؛ بمعنى أنه لم يُخصّص الجهة التي سيُخرجها فيها لا باللفظ ولا النيّة. حكم النذر في أصله مشروع، إلا أنّه من حيث الحُكم يَحتمل الجَواز والكراهة، والأصل فيه الكراهة.